الاثنين، 17 نوفمبر 2008

انتهاء عصر المكتبات الورقية

السبت 26 / 7 / 2008
الدوحة ـ د‏.‏ حسن علي دبا

الرقمنة هي عملية تحويل النصوص المطبوعة مثل الكتب والصور سواء كانت فوتوغرافية أم خرائط‏,‏ وغيرها من المواد التقليدية إلي الأشكال الرقمية التي يقرأها الإنسان بواسطة الحاسب الآلي هو ما أوجد مصطلح المكتبة الرقمية‏.‏ هل يتجه العصر إلي تلك المكتبات؟ وهل يمكن أن تؤثر تلك الصورة علي المعرفة واتجاهات الفكر المعاصر؟ هذا ما سوف نحاول الإشارة إليه في تلك الرؤية لباحث جاد في هذا المجال‏.‏
يري الباحث محمد همام فكري مساعد مدير مكتبة التراث العربي والإسلامي بمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع أن المبرر الأساسي لإنشاء المكتبات الرقمية هو قدرتها علي توصيل المعلومات بشكل أفضل مما كان يتم به ذلك في الماضي‏.‏ ومع أن المكتبات التقليدية جزء أساسي من المجتمع‏,‏ فإنها لم تعد في وضعها الذي ينبغي أن تكون عليه‏.‏
‏*‏ سألته‏:‏ هل يمكننا عمل الأفضل؟
قال‏:‏ إن المتحمسين للمكتبات الرقمية يقولون إن الحاسبات الآلية والشبكات قد غيرت بالفعل الأساليب التي يتواصل بها الأفراد مع بعضهم البعض‏,‏ وهناك زعم في بعض التخصصات العلمية بأن المهني أو الباحث يؤثر استخدام حاسبه الشخصي المتصل بشبكة الاتصالات علي ذهابه للمكتبة بحثا عن المعلومات‏.‏
‏*‏ لكن ما أهم المزايا المتوقعة للمكتبات الرقمية أو لنقل مكتبات المستقبل‏:‏
المكتبة الرقمية تنقل المكتبة إلي المستخدم‏(‏ إيصال المعلومات إلي المستفيد أينما كان في عمله أو منزله إذا توافر له حاسب شخصي واتصال شبكي‏).‏ فقد أصبحت هناك مكتبة حيثما يكون هنالك حاسب شخصي متصل بإحدي الشبكات‏.‏ ولقد أفاد ذلك في استغلال طاقات الحاسب الهائلة في البحث عن المعلومات واستعراضها‏.‏
تقتني المكتبات والأرشيفات كثيرا من المعلومات الفريدة‏,‏ ولا شك أن تحميل المعلومات في صيغ رقمية وإتاحتها علي الشبكات يعزز من إتاحتها للجميع‏,‏ وهناك الآن العديد من المكتبات الرقمية والمطبوعات الإلكترونية يتم حفظها في مواقع مستقلة مركزية‏,‏ وربما يتم الاحتفاظ بنسخ مكررة قليلة حول العالم‏.‏ ويعد ذلك تطورا كبيرا قضي علي التكرار المادي المكلف للمواد قليلة الاستخدام‏,‏ أو علي مشكلة الحصول علي المادة الفريدة التي لا يمكن الوصول إليها إلا بالانتقال إلي الموقع الذي تختزن فيه‏.‏
‏*‏ هل يسهل تحديث المعلومات التي تشكل محتويات المكتبة الرقمية؟
لا شك أن كثيرا من المعلومات المهمة تحتاج إلي تحديث مستمر‏,‏ والمواد المطبوعة يصعب تحديثها‏,‏ لأن ذلك يعني أن الوثيقة كلها تحتاج إلي إعادة طباعة‏,‏ وأن تستبعد جميع نسخ الطبعة القديمة وتحل محلها النسخ الجديدة‏.‏ أما تحديث المعلومات فهو أمر سهل عندما يكون الإصداره الأصليه في صيغة رقمية ومختزنة في حاسب آلي مركزي‏.‏
‏*‏ هل تصبح الإتاحة الدائمة للمعلومات في جميع الأوقات ميزة أساسية؟
إن أبواب المكتبة الرقمية لا توصد أبدا‏,‏ وهي مفتوحة دائما علي مصراعيها‏;‏ وقد أظهرت دراسة حديثة في إحدي الجامعات البريطانية أن ما يقرب من نصف واقعات الإفادة من المجموعات الرقمية في إحدي المكتبات قد تمت في ساعات إغلاق مبني المكتبة‏,‏ يضاف إلي ذلك أن المجموعات المستخدمة لم تتم إعارتها مطلقا لقراء خارج حدود المكتبة‏,‏ ولم ترتب بشكل سيء‏,‏ ولم تسرق‏,‏ ولا تودع أبدا في مستودع بعيد عن المدينة الجامعية‏,‏ يضاف إلي ذلك أن مجال المجموعات يتسع إلي خارج حدود المكتبة‏.‏ كما أن الأوراق الشخصية الموجودة في أحد المكاتب‏,‏ أو في مكتبة معينة في الجانب الآخر من العالم من السهل استخدامها كما تستخدم المواد في المكتبة المحلية‏.‏
‏*‏ لكن هل تخلو تلك المكتبات الرقمية من العيوب؟ أم أن التعطل يمكن أن يؤخر انطلاقها؟
المكتبات الرقمية ليست مبرأة من كل عيب‏,‏ فنظم الحاسبات يمكن أن تتعطل‏,‏ كما أن الشبكات يمكن أن تكون بطيئة أو لا يعول عليها‏.‏ ومع ذلك‏,‏ وإذا ما قورنت بالمكتبة التقليدية‏,‏ فإن المعلومات في سياق المكتبة الرقمية غالبا ما تكون متاحة متي ما احتاجها المستفيد وأينما شاء‏.‏ كما أن هناك إمكانية توفير أشكال جديدة من المعلومات‏(‏ قد لا يمكن تخزينها وبثها من خلال القنوات التقليدية‏),‏ حيث لم تعد الأساليب الطباعية دائما هي الوسيلة المثلي لتسجيل المعلومات ونشرها‏,‏ فقواعد البيانات يمكن أن تكون وسيلة مثلي لتخزين البيانات الخاصة بالإحصاءات الحيوية‏,‏ ومن ثم يمكن تحليلها بواسطة الحاسبات الآلية واستخراج مؤشرات جديدة منها‏.‏ ونرصد أيضا انخفاض التكلفة إذا ما قورنت بالمكتبات التقليدية‏.‏
يقول الباحث‏:‏ يتسم واقع المكتبات التقليدية بارتفاع التكلفة‏,‏ حيث تشغل مباني مرتفعة الثمن في مواقع حساسة‏,‏ كما أن المكتبات الكبري منها كثيرا ما يعمل بها المئات من الموظفين المثقفين وإن كانت رواتبهم ضعيفة‏,‏ ومن ناحية أخري لا تمتلك المكتبات المبالغ المالية الكافية للحصول علي كل المواد التي ترغب في الحصول عليها‏,‏ ولا المبالغ الكافية لإعداد هذه لمواد‏,‏ كما أن عملية النشر هي الأخري باهظة التكاليف‏,‏ وتضيف عملية التحول نحو النشر الإلكتروني تكاليف جديدة‏.‏ ولكي يتمكن الناشرون من تغطية تكاليف تطوير منتجات جديدة فإنهم أحيانا يتحملون دفع مبالغ أكثر‏,‏ كما هي الحال عند إنتاج طبعة رقمية لنظيرتها الورقية‏.‏ وإذا كانت تكلفة المكتبات الرقمية في هذه الأيام أكثر من تكلفة المكتبات التقليدية‏,‏ فإن أسعار مقومات المكتبات الرقمية تنخفض بشكل سريع‏.‏ ونتيجة للانخفاض المستمر لتكلفة التقنيات المتصلة بالمكتبات الرقمية‏,‏ فإنها ستصبح مع مرور الوقت أقل تكلفة‏*‏

ليست هناك تعليقات: