الأربعاء، 12 نوفمبر 2008

الذكاء الاصطناعى ARTIFICIAL INTELLIGENCE

نقدم فى هذا المقال نبذة عن علم الذكاء الاصطناعى، وهو علم حديث اكتسب أهمية بالغة فى السنوات الأخيرة لتطبيقاته العديدة فى مجالات حيوية كالدفاع والاستخبارات والحاسوب والترجمة الآلية وغيرها. وهو أحد العلوم التى نتجت عن الثورة التكنولوجية المعاصرة. ويتميز علم الذكاء الاصطناعى بأنه علم تعددى (عمل جماعى بالدرجة الأولى)، يشارك فيه علماء الحاسب الآلى والرياضيات وعلم النفس وعلم اللغة والفلسفة، والمنطق.

يهدف علم الذكاء الاصطناعى إلى فهم طبيعة الذكاء الإنسانى عن طريق عمل برامج للحاسب الآلى قادرة على محاكاة السلوك الإنسانى المتسم بالذكاء. وتعنى قدرة برنامج الحاسب على حل مسألة ما، أو اتخاذ قرار فى موقف ما – بناء على وصف لهذا الموقف – أن البرنامج نفسه يجد الطريقة التى يجب أن تتبع لحل المسألة، أو للتوصل إلى القرار بالرجوع إلى العديد من العمليات الاستدلالية المتنوعة التى غذى بها البرنامج. ويعتبر هذا نقطة تحول هامة تتعدى ما هو معروف باسم "تقنية المعلومات" التى تتم فيها العملية الاستدلالية عن طريق الإنسان، وتنحصر أهم أسباب استخدام الحاسب فى سرعته الفائقة.

ورغم أننا لا نستطيع أن نعرف الذكاء الإنسانى بشكل عام فإنه يمكن أن نلقى الضوء على عدد من المعايير التى يمكن الحكم عليه من خلالها. ومن تلك المعايير القدرة على التعميم والتجريد، التعرف على أوجه الشبه بين المواقف المختلفة، والتكيف مع المواقف المستجدة، واكتشاف الأخطاء وتصحيحها لتحسين الأداء فى المستقبل. وكثيراً ما قرن الذكاء الاصطناعى خطأ بالسبرانية Cybernetics التى تختص بالخصائص الرياضية لأنظمة التغذية الراجعة، وتنظر إلى الإنسان كأنه جهاز آلى، بينما يهتم علم الذكاء الاصطناعى بالعمليات المعرفية التى يستخدمها الإنسان فى تأدية الأعمال التى نعدها ذكية. وتختلف هذه الأعمال اختلافاً بيناً فى طبيعتها، فقد تكون فهم نص لغوى منطوق أو مكتوب، أو لعب الشطرنج أو "البريدج"، أو حل لغز، أو مسألة رياضة، أو كتابة قصيدة شعرية، أو القيام بتشخيص طبى (كما يحدث فى مجال طب وجراحة العيون)، أو الاستدلال على طريق للانتقال من مكان إلى آخر. ويبدأ الباحث فى علم الذكاء الاصطناعى عمله أولاً باختبار أحد الأنشطة المتفق على أنها "ذكية"، ثم يضع بعض الفروض عما يستخدمه الإنسان لدى قيامه بهذا النشاط من معلومات واستدلالات، ثم يدخل هذه فى برنامج للحاسب الآلى، ثم يقوم بملاحظة سلوك هذا البرنامج. وقد تؤدى ملاحظة البرنامج إلى اكتشاف أوجه القصور فيه مما يفضى إلى إدخال تعديلات وتطوير فى أسسه النظرية، وبالتالى فى البرنامج نفسه، ويؤدى هذا بدوره إلى سلوك مختلف للبرنامج، وما يستتبعه من ملاحظة وتطوير.. وهكذا.

ويمكن تعريف الذكاء الاصطناعى على أنه ذلك الفرع من علم الكمبيوتر الذى يتعلق بميكنة تصرف ذكى. ومن هذا المنطلق فهو يجب أن يقوم على مبادئ نظرية وتطبيقيه فى هذا المجال. وتتضمن هذه المبادئ هياكل البيانات المستخدمة فى تمثيل المعرفة والخوارزميات المطلوبة لتطبيق تلك المعرفة واللغات وتقنيات البرمجة المستخدمة فى معالجتها.

وبالرغم من ذلك فإن هذا التعريف به قصور من ناحية أن الذكاء نفسه غير معرف أو مفهوم جيداً. ومع ذلك فإننا نعرف التصرف الذكى بمجرد مشاهدته. إن مشكلة تعريف الذكاء الاصطناعى تكمن فى تعريف الذكاء نفسه هل الذكاء عبارة عن مقدرة شخصية منفردة ؟أم أنه مجرد اسم لتجميع إمكانيات محددة وغير مرتبطة ؟.

هل يمكن تعلم الذكاء فى مقابل أنه يمكن الحصول على تواجد مسبق له ؟ ماذا يحدث بالضبط عندما يحدث التعلم ؟ ما هى الإبداعية Creativity ؟ وما هو الحدس Intuition ؟ هل يمكن استشعار الذكاء من تصرف ملاحظ أم هل يتطلب أمارة أو علامة من آلية داخلية خاصة ؟

كيف يمكن تمثيل المعرفة فى النسيج العصبى للإنسان ؟ وما هى الدروس التى يمكن استنباطها لتصميم آلات ذكيه ؟ ما هو الوعى الذاتى ؟ وما هو الدور الذى يلعبه فى الذكاء ؟.

هل من الضرورى نمذجة برنامج كمبيوتر ذكى بعد ما يعرف عن الذكاء البشرى أم هل يلزم مدخل هندسى صارم وبحت لحل المسألة ؟ هل يمكن تحقيق الذكاء على الكمبيوتر أم هل تحتاج الكينونة الذكية إلى الإحساس المفرط والخبرة التى قد توجد فقط فى الوجود الحيوى ؟ .

مازالت كل هذه الأسئلة غير مجابة وكلها تساعد على بلورة كل من منهجيات المشاكل والحلول التى تمثل قلب الذكاء الاصطناعى الحديث. نجد فى الواقع أن جزءً كبيراً من الإعجاب الشديد بالذكاء الاصطناعى ما هو إلا نتيجة أنه يقدم وسيلة قاطعة قوية لاستكشاف تلك الأسئلة بالتحديد.

يقدم الذكاء الاصطناعى وسطا ومختبراً النظريات الذكاء التى يمكن صياغتها بلغة برمجيات الكمبيوتر وبالتالى يتم تحقيقها خلال تنفيذها على كمبيوتر فعلى.

لهذه الأسباب فإن التعريف الأولى للذكاء الاصطناعى يبدو أنه يسقط جزءا قصيراً من الغموض الذى يحيط بالمجال. من الصعب الوصول إلى تعريف محدد ملائم للذكاء الاصطناعى أنه نظام حديث وبناؤه واهتماماته وطرقه مازالت غير معرفة جيداً.

لباقى المقال
http://www.egyptsons.com/misr/showthread.php?t=26827

ليست هناك تعليقات: