الخميس، 18 سبتمبر 2008

خدمات المعلومات على الإنترنت ومردوداتها على المكتبات

المقدمة :
تعد المعلومات من أهم مقومات الحياة ومن أبرز ركائز التقدم الحضاري ، ولها ارتباط وثيق بجميع ميادين النشاط البشري ، وهي تشكل جزءًا لا يتجزأ من هذا النشاط . فالإنسان يعتمد على المعلومات في جميع نواحي حياته الخاصة والعامة وفي كل خطوة يخطوها، وهكذا كانت المعلومات وما زالت من الظواهر التي صاحبت الإنسان منذ نشوء المجتمعات البشرية عندما وجد الإنسان على وجه الأرض وأحس بحاجته الطبيعية للتعايش والتواصل مع أخيه الإنسان . ومن هنا حرص الإنسان على تبادل المعلومات وتناقلها من جيل لآخر ليفيد ويستفيد . وقد اتخذت هذه العملية أشكالاً مختلفة ووظفت لها وسائط متنوعة حسب الإمكانات المتاحة للإنسان في كل مرحلة من مراحل التاريخ البشري . كما أن هذه الأشكال والوسائط قد مرت بمراحل تطور متعاقبة بحسب تطور الحضارات الإنسانية على مر العصور . فمن الأشكال والوسائل الرمزية والشفاهيـة والرقم الطينية وجلود الحيوانات في العصور القديمة ، ومن المخطوطات في العصور الوسطى تطورت عملية تبادل المعلومات ونشرها إلى
الأشكال والوسائل المطبوعة الورقية واللاورقية كالكتب والمجلات والموسوعات والأقراص الليزرية وشاشات طرفيات الحواسيب ، والأقمار الصناعية وما سواها من وسائط ونظم نشر المعلومات واقتنائها وخزنها واسترجاعها وبثها.
وفي هذا العصر ظهر اهتمام متزايد بالمعلومات كونها ثـروة وطنية تلعب دورًا استراتيجيـًا حيويًا في ميادين أنشطة المجتمع ، وقد دفع هـذا الاهتمام الدول والمؤسسات والأفراد إلى بـذل جهـود حثيثة
في مجالات السيطرة والتحكم بمورد المعلومات على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية. وقد نتج عن هذه الجهود العديد من نظم وشبكات المعلومات التعاونية. وتأتي الإنترنت, شبكة الشبكات, في مقدمة هذه كلها.
يأتي هذا البحث بهدف تحديد خدمات المعلومات على الإنترنت ومردودات هذه الخدمات على المكتبات من خلال دراسة وتحليل وظائف الإنترنت الأساسية .
الإنترنت :
الإنترنت ، شبكة الشبكات ،هي أبرز ثمرة نتجت عن تلاحم ثلاث ثورات كونية هي ثورة المعلومات ، وثورة الاتصالات ، وثورة الحواسيب . كما أنها – أي الإنترنت- تمثل أبرز النماذج العالمية في الاستفادة من خدمات الشبكة الرقمية المتكاملة (Integrated Digital Network). والإنترنت شبكة معلومات عالمية تربط الآلاف من شبكات الحواسيب المنتشرة في بقاع العالم بعضها ببعض ، ويستخدمها الملايين من البشر.
تعود قصة شبكة الإنترنت إلى شبكة الأربانت ( Arpanet) وهي شبكة معلومات أنشأتها وزارة الدفاع الأمريكية في نهاية الستينات لدعم المشاريع والبحوث العلمية في مجال الدفاع والشؤون العسكرية. وظلت الأربانت مقتصرة على استخدام وزارة الدفاع حتى عام 1986م حيث فتح المجال أمام الباحثين والأكاديميين لاستخدام هذه الشبكة على نطاق أوسع وارتبطت معها شبكات أكاديمية عديدة وبذلك تحولت الأربانت إلى الإنترنت(1) ومنذ ذلك الحين وهي تنمو بسرعة هائلة بحيث لا يمكن لأحد أن يعرف بالضبط ما هو حجم الإنترنت اليوم ، أو كيف سيصبح غدًا إلا أن التقديـرات تشير إلى أن عدد الحواسيب المضيفة ( Host Computers ) المرتبطة بالشبكة (2) قد بلغ 6.6 مليون(3) بينما يُقدرعدد مستخدمي الشبكة بحوالي 345 مليون ، ومن المتوقع أن يصل عدد المستخدمين في عام 2005م إلى أكثر من مليار مستخدم (4) . وفي كل يوم تؤمن الشبكة ارتباط ملايين المستفيدين في أكثر من 150 بلدًا (5). والإنترنت لا يملكها شخص أو مؤسسة أو حكومة، وليس لها رئيس أو مجلس إدارة ، فهي تعود إلى جميع من يستخدمها وتشغلهم وتصاد من قبلهم ، والسلطة الوحيدة للإنتـرنت تتمثل في جمعيـة الإنتـرنت (Internet Societ) وهي هيئة اختيارية العضوية تهدف إلى الارتقاء بالتبادل الدولي للمعلومات من خلال تقنية الإنترنت (6) ويستطيع أي شخص يمتلك حاسـوبًا شخصيًا يحتـوي على مراسـل (modem) والبرامجيات اللازمة ويرغب في دفع أجور الخدمات أن يشترك في الإنترنت.
أما مكونات الإنترنت فهي :
1 - مجتمع المستفيدين من الإنترنت من الأفراد والمؤسسات.
2 - التكنولوجيا ، والتي تضم الاجهزة والبرمجيات التي تربط أقسام الإنترنت والمستفيدين.
3 - إدارة الإنترنت ، والتي ترتكز على مجموعة اتفاقيات عالمية ومشاورات بين المهندسين ، والتنفيذ بواسطة الهيئات العامة والجهات الخاصة التي تقوم مجتمعة بتخصيص العناوين وصيانة الممرات ( Routes) .
4 - تجارة الوصول إلى الإنترنت ، والتي تبدأ بمجهزي الخدمة في القطاعين العام والخاص وتوفر الوصول إلى الإنترنت بواسطة الخطوط التلفونية والحواسيب الشخصية .
وسائل الإنترنت :
هناك العديد من الوسائل المتوفرة على الإنترنت والتي تساعد المستفيدين على استخدامها والاستفادة من تسهيلاتها . وأهم هذه الوسائل هي :
1- البريد الإلكتروني E. Mail :
البريد الإلكتروني هو وسيلة تسهل عملية الاتصال بملايين الناس من خلال الإنترنت ويعد من أكثر وسائل الإنترنت استخدامًا . إن عملية البريد الإلكتروني تشبه عملية البريد التقليدي، ففي كلتا الحالتين تكتب الرسالة من شخص إلى آخر, وتُعنون، وترسل بالبريد الذي يقوم بتوزيع الرسائل إلى الأشخاص المرسلة إليهم. في البريد الإلكتروني يتم خزن الرسائل في صناديق بريد إلكترونية بانتظار قراءتها. وبعد القراءة يستطيع المستلم رميها ، أو الاحتفاظ بها ، أو تحويلها إلى شخص آخر، أو طباعتها. ويذكر أن أول خطوة يمر بها المستفيدون من الإنترنت هي البريد الإلكتروني(7) .
2 - التلنت Telnet :
التلنت وسيلة تسمح للمستفيدين من الإنترنت بالدخول مباشرة إلى الحواسيب الأخرى المرتبطة بالشبكة والقيام بالاستفادة من الخدمات والعمليات المتوفرة لهم على الإنترنت مثل تشغيل البرامج ، الاطلاع على الملفات ، البحث في قواعد البيانات، القيام بالعمليات الأخرى المتوفرة على تلك الحواسيب كما لو كانت تلك الحواسيب في مكتب المستفيد نفسه أو منزله. ويسلتزم استخدام التلنت وجود ترخيص لدى المستفيد (8).
3 - بروتوكول نقل الملفات File Transfer Protocol :
هذا البروتوكول هو وسيلة تسمح للمستفيدين من الإنترنت الوصول إلى الحواسيب الموجودة في أية بقعة من بقاع العالـم والقيـام أمـا بنقل ملفات منهـا إلى حواسيبهم الشخصية ( downloading) أو تحميل ملفات من حواسيبهم على الحواسيب الأخرى ( uploading). تتوفـر مئـات خوادم ( servers) بروتوكول نقل الملفات منتشرة في أنحاء العالم وتحتوي على آلاف الملفات. وفي هذا الجانب يستطيع المستفيـد الاستعانـة بالآليات مثل (Archi , Gopher, Wais ). ونظرًا لوجود عالم من المعلومات على الإنترنت على شكل نصوص، وصوت ، وصور متحركة، وبرامجيات، فإن الكثير منها يمكن الحصول عليه مجانًا. كما أن ليس جميع الحواسيب على الإنترنت تسمـح لأي واحـد بالدخول إليها وأخذ الملفات منها (9) . أما البرامجيات فإنها على ثلاثة أنواع : المجانية ( Freeware) والمشتركة ( Shareware) التـي يمكن نقلهـا لتجريبهــا قـبـل دفـع قيمتـهـا ، والتجـاري ( Commercial ) وهي التي تنقل بعد دفع ثمنها (10) .
4 - الويب World Wide Web :
الويب ( www) هي مجموعة من الصفحات المخزنة على الحواسيب المنتشرة في أنحاء العالم مرتبطة بوصلات تسهل الوصول إلى مواقع الويب المختلفة. تشكل الويب نسبة كبيرة من الإنترنت، وهي الأكثر غنى بصفحات المعلومات التي تغطي موضوعات شتى تحتوي على نصوص، وصور ، ورسومات ، وصوت ، وأفلام، موزعة على مساحات الإنترنت الواسعة ، ومبوبة بشكل يسهل الوصول إليها .
وتترابط مجموعات المعلومات على الويب بوصلات تسهل على المستفيد التنقل من معلومة متوفرة على حاسوب في لندن إلى معلومة أخرى مترابطة معها متوفرة على حاسوب في طوكيو، على سبيل المثال.
ويتم البحث عن المعلومة في الويب بواسطة كلمات مفتاحية يتم البحث عنها في الملفات من خلال برامج معتمدة في الإنترنت ، وبعد ظهور النتائج على شكل قوائم يختار المستفيد منها ما يريد. وعلى الويب تنشأ المواقع (Sites) والصفحات (Home Pages) ويذكر أن 70٪ من البحث عن المعلومات في الإنترنت يتم من خلال الويب. وأهم ما يسهل العمل على الويب هو بروتوكول نقل النصوص المترابطة ( Hypertext Transfer Protocol ) . أما آليات البحث في الويب فهي (Lycos ,Alta Vista, Yahoo, Excite , Open Text , Magellan , Sindbad ,Hotbot ) (11) .
التسهيلات العامة على الإنترنت :
من خلال تحليل ما تقدم. نستطيع أن نجمل التسهيلات التي تقدمها الإنترنت إلى المستفيدين منها بالآتي :
1 - الخدمات البريدية.
2 - نقل المعلومات والبيانات والبرامجيات من حاسوب إلى آخر.
3 - الاتصال بمراكز البحوث والمعلومات.
4 - البحث عن أية معلومة أو خبر عن أي موضوع معين .
5 - الوقوف على أحدث المستجدات العلمية والتقنية والثقافية.
6 - مزاولة الأنشطة التجارية والاستثمارية ( التبضع وعقد الصفقات التجارية).
7 - التعامل مع البنوك ( إيداع – سحب – تحويل).
8 - الدخول إلى قـواعد البيـانـات الببليـوغـرافيـة.
9 - التعليم والتدريس عن بعد.
10- خدمات الطب عن بعد (مثل تقديم استشارات طبية) .
11- نشر وبث أية معلومة من المعلومات.
12- ممارسة العمل عن بعد (مثل مهندس معماري يرسل تصاميمه الهندسية لشركته عبر الإنترنت وهو في منزله) .
13- الاستماع إلى الراديو والموسيقى ومشاهدة الأفلام حسب الطلب.
14- الحوار مع الآخرين حول موضوع أو قضية معينة عن طريق ما يسمى بمجاميع النقاش.
15- النشر الإلكتروني.
16- متابعة الصحف والمجلات .
17- شراء الكتب من الناشرين أو الموزعين .
18- عقد الاجتماعات عن بعد (مؤتمرات، ندوات ، حلقات نقاشية)
19- الإعلان عن السلع والخدمات من قبل الأفراد والمؤسسات .
20- الاطلاع على ثقافات المجتمعات التي لها مواقع على الإنترنت .
خدمات المعلومات على الإنترنت :
بما أن الإنترنت هي شبكة كونية توفر إمكانات هائلة في مجالات بث المعلومات وتبادلها على نطاق العالم ، فإن هناك العديد من خدمات المعلومات التي يستطيع رواد المكتبات الإفادة منها عبر الإنترنت . ونستطيع إجمال هذه الخدمات بالآتي :
1- البحث في فهارس المكتبات :
أن أول ما يحتاجه المستفيد من المكتبة هو المصادر المتوفرة في اختصاصه، فينطلق ليبحث في فهارسها. وفي هذا المجال توفر الإنترنت ومن خلال الويب تسهيلات الوصول إلى عدد كبير من فهارس المكتبات في العالم مثل مكتبة الكونجرس الأمريكية، والمكتبة البريطانية، ومكتبة جامعة شيكاغو ، وجامعة كاليفورنيا، ويذكر أن هناك حوالي 1000 موقع لفهارس المكتبات الوطنية والجامعية المشهورة في العالم (12). ويمكن لأي شخص له إلمام باستخدام الحاسوب إجراء البحوث في هذه الفهارس.
2- الخدمات المرجعية :
الخدمات المرجعية هي عبارة عن مساعدة المستفيد في الحصول على معلومة أو معلومات أو بيانات معينة. أما المدى الذي تشمله هذه الخدمات فيتراوح بين الرد على الاستفسارات إلى تزويد المستفيد بقائمة ببليوغرافية عن موضوع معين. وللبحث عن معلومة أو معلومات مرجعية يمكن الاستفـادة مما توفره الويب حيث يستطيع المستفيد أن يجد معلومات تقريبًا عن أي موضوع. يقوم المستفيـد بطبع الكلمات المفتاحية باستخدام إحدى آليات البحث مثل (Infoseek, Excite, Lycos,) أو أحد الأدلة مثل (Yahoo, Magellan) حيث إن كل واحدة من هذه الآليات والأدلة تحتوي على مواضيعها الخاصة. كما يمكن استخدام البريد الإلكتروني للإجابة عن الاستفسارات وذلك بإرسال رسالة إلى جهة معينة أو شخص معين وطرح السؤال ثم تلقي الإجابة بالطريقة نفسها (12). وكمثال على قواعد البيانات التي توفر خدمات مرجعية على الإنترنت نشير إلى قاعدة (Higher Education Resources and Opportunities) التي توفر معلومات حول الجامعات، والمؤتمرات ، شروط القبول، المنح، والزمالات التي طالما يحتاجها الطلبة. كما أن هناك قاعدة (Geography Server) التي توفر معلومات عن المدن ، والأقطار، والأقاليم ، والقارات. بالإضافة إلى آلاف الهيئات والمؤسسات المستعدة للإجابة عن الأسئلة وإعطاء المعلومات حول موضوعات متعددة في العلوم والتكنولوجيا والعلوم الاجتماعية مثل (The National Referral Central Master File ) .
3- خدمات الدوريات :
تتوافر على الإنترنت مئات الدوريات من المجلات والنشرات الإخبارية في مواضيع متعددة. وتشبه هذه الدوريات نظيراتها الورقية من حيث انتظام الصدور وهيئات التحرير ، والمراجعة. كما أنها تقوم بنشر بحوث أصلية على غرار الدوريات الورقية . ومن الأمثلة على هذه الدوريات مجلة سباركس ( Sparks) وهي مجلة روايات وشعر واهتمامات أدبية متنوعة، ومجلة بوابة الفكر (Mindgate) المتخصصة بنشر القصص والشعر والصور الفوتوغرافية ، ومجلة عالم الجذور(Roots world ) والمجلة الإلكترونية للفنون المرئية (Electrinic Visual Arts Journal ) .
ويمكن الحصول على قائمة متكاملة بعناوين الدوريات المتوفرة على الإنترنت من خلال موقع (News Jour) الذي يضم أرشيفه حوالي 4817 عنوانًا(14).
إن عدد الدوريات على الإنترنت يتزايد بشكل كبير بحيث أصبحت بعض هذه الدوريات لا تتوافر إلا بالشكل الإلكتروني. ومن جانب المستفيد فإنه يستطيع قراءة ما يشاء من الدوريات الإلكترونية المتاحة على الإنترنت ويدفع فقط تكاليف ما يقرأ وهذا بعكس الدورية الورقية حيث إن المستفيد يدفع قيمتها كاملة سواء قرأ جزءًا منها أو كلها وفي هذا توفير للمستفيد في الكلفة . كما يستطيع المستفيد الحصول على نسخ ورقية مما يريد من هذه الدورية الإلكترونية أو تلك .
4- خدمات الاستخلاص والتكشيف :
لغرض سد حاجة المستفيدين السريعة إلى المعلومات فقد توافرت على الإنترنت قواعد عديدة للكشافات والمستخلصات أعدت لتساعد المستفيد على تلبية تلك الاحتياجات. ولأن الكشافـات والمستخلصات أصبحت أكثر شيوعًا واستخـدامًا في العالم كجسور سريعة للوصول إلى المعلومات، فقد أخذ عدد قواعد المستخلصات والكشافـات يـزداد باطراد خاصة بعد أن انتقلـت خـدمات البحـث بالاتصال المباشـر إلى الإنترنت وتقـدم مجـانًا. وكمثـال على القواعد التي تقدم خدمات التكشيف والاستخلاص قاعـدة (BIDS) التي أنشأتهـا جامعة باث (Bath) في المملكة المتحدة وتغطي البحوث المنشورة في الاختصاصات العلمية والإنسانية والاجتماعية والفنية منذ 1981م، عام وتشمـل المعلومات التي توفرها القاعدة اسم البحث / الباحث وعنوانه، وتفاصيل الدوريات التي نشر فيها البحث ، ومنذ 1991م شملت المعلومات مستخلصًا للبحث والمصادر المذكورة فيـه(15) . أضـف إلـى ذلـك القاعـدة الطبيـة (Medline ) ، وقاعدة (IDEAL) التي توفر الوصول إلى مستخلصات 184 مجلة علمية وقائمـة بمحتوياتها (16) ، وقاعـدة NTIS Database)) ، وقاعدة ( ERIC) ، و(Agricola) ،
و(Aerospace Databse ) وغيرها .
5- خدمات الإحاطة الجارية :
توفر هذه الخدمة أمام المستفيدين فرص الاطلاع بصورة مستمرة على ما يبذله غيرهم من جهود وما توصلوا إليه من نتائج في موضوع اختصاصاتهم واهتماماتهم. يتم تقديم هذه الخدمة بمجرد تقديم السؤال لأول مرة ثم إجراء الإحاطة على فترات زمنية بمجرد إعادة طرح السؤال أو الطلب على القاعدة أو القواعد المراد بحثها بطريقة تلقائية من خلال الحاسوب على فترات زمنية محددة حسبما يريدها المستفيد ويتم إخطاره بالنتائج في كل مرة مهما كانت المعدلات الزمنية متقاربة(17) ، وكمثال على القواعد التي تقدم مثل هذه الخدمات قاعدة (Swet Scan) وهي قاعدة بيانات لمحتويات 14000 مجلة في جميع المواضيع تحدّث أسبوعيًا (18).
وتشمل هذه الخدمة كذلك خدمة البث الانتقائي للمعلومات التي تعد صيغة متطورة لخدمات الإحاطة الجارية.
6- خدمات الإعارة بين المكتبات :
يستطيع المستفيد وضع طلب الإعارة من خارج المكتبة من منزله أو من قسمه العلمي في الكلية أو الجامعة أو في المكتبة التي تخدمه ، أو من محل عمله، وتقوم الشبكة بتوحيد طلبات الإعارة ثم يقوم المكتبي المسؤول عن ذلك بتنفيذ الطلبات . وفي هذه المجال تضع كل مكتبة موجوداتها من مصادر المعلومات تحت تصرف المستفيدين للمكتبيين أو المكتبات المرتبطة باتفاق تعاوني ، مثل شبكة مكتبات مارموث التي تضم 23 مكتبة (19) .
7- خدمات التوزيع الإلكتروني للوثائق :
يستطيع المستفيد الحصول على أصول الوثائق (بحوث ومقالات) من خلال هذه الخدمة . ويتم ذلك بقيام المستفيد بتسجيل البيانات الببليوغرافية للوثيقة التي يطلبها على استمارة معدة لهذه الغرض ، وتقوم الجهة المقدمة للخدمة بتلقي الطلبات وتنفيذها من خلال الإنترنت ، وإرسال الفواتير إلى المستفيد الذي يقوم بدفعها من خلال بطاقات الائتمان المصرفية . وكمثال على هذه الخدمات ما يقدمه المعهد الكندي للمعلومات العلمية والتقنية (CISTI) الذي يقوم بتجهيز أصول الوثائق إلى زبائنه اإلكترونيًا من خلال الويب (www . Cisti) (20). والجدير بالذكر أن هناك دليلاً لخدمات التوزيع الإلكتروني للوثائق (Guide to Document Delivery Services) يمكن من خلاله معرفة الجهات التي تقدم هذه الخدمات.
8- خدمات المطالعة :
تتيح الإنترنت أمام المستفيدين إمكانية مطالعة الكتب التي قامت مكتبات عديدة بتحميلها على الإنترنت وإتاحتها للمطالعة بشكلها الإلكتروني مجانًا. وتشمل هذه الكتب كتب التراث والثقافة والسياحة . كما يستطيع المستفيد كذلك تصفح العديد من الصحف التي تنشر إلكترونيًا عبر الإنترنت.
9- خدمات تدريب المستفيدين :
توجد على الإنترنت مواقع لمكتبات عديدة تقدم فرصًا تدريبية للمستفيدين عن كيفية استخدام هذه الشبكة وكيفية الوصول إلى المعلومات المتوافرة عليها. وكمثال على ذلك تقدم المكتبة الطبية الوطنية فرصًا تدريبية للمتخصصين في المهن الطبية والصحية في مجال البحث في المعلومات الطبية . كما أن هناك دورات تدريبية في موضوع الوصول الإلكتروني للنتاج الفكري من إعداد اتحاد دار الكتب الإسكندنافية والمدرسة الملكية لعلم المكتبات في العاصمة الدنماركية (21).
المردودات :
إن خدمات المعلومات والتسهيلات الأخرى التي تقدمها الإنترنت لها مردودات إيجابية عديدة على المكتبات ، نستطيع تحديدها بما يأتي :
1 - تسهيل عمليات الاختيار والتزويد من خلال الاتصال عبر الإنترنت بالناشرين والموزعين للكتب والدوريات والمنتجات الأخرى الورقية والإلكترونية . وتستطيع المكتبات من خلال ذلك أن تحدد طلباتها من الكتب أو الاشتراك بالدوريات . وفي هذا اقتصاد كبير في الوقت والجهد.
2 - التقليل من التكرار في الإجراءات والعمليات وخاصة فيما يتعلق بالفهرسة والتصنيف لكثير من المطبوعات الموجودة على الإنترنت والتي ربما قد اقتنتها المكتبة سابقا أو ستقتنيها.
3 - إغناء مجموعات المكتبة من مصادر المعلومات حيث إن الارتباط بالإنترنت يجعل ما توافر عليها من مصادر المعلومات في متناول المكتبة ومستفيديها وكأنها جزء من مجموعات تلك المكتبة. إن المردود الأكبر في هذا المجال يتحقق للمكتبات التي تعاني من نقص في مصادر المعلومات.
4 - المساعدة على التوحيد في النظم والمعايير المستخدمة في المكتبات .
5 - زيادة إنتاجية المكتبات وتحسين مستوى أدائها من خلال تقديم خدمات لا تستطيع تقديمها دون الارتباط بالإنترنت.
6 - الاقتصاد بالنفقات قياسًا بالخدمات التي تقدمها المكتبات إلى مستفيديها من خلال الإنترنت .
7 - تسهيل عمليات الإعارة بين المكتبات وزيادة حجم المعلومات المتبادلة.
8 - تسهيل إجراءات التبادل والإهداء بين المكتبات باستخدام البريد الإلكتروني وإمكاناته الواسعة في نشر قوائم المطبوعات المعدة للتبادل والإهداء.
9 - تسهيل الاتصال المهني بين العاملين في المكتبات في بلدان مختلفة لتبادل الخبرات والآراء حول العمليات والخدمات والأجهزة والنظم.
10 - التقليل من الورق في الاتصالات وتغيير نمطها وزيادة سرعتها.
11 - تشجيع المكتبات على المشابكة وجرها إلى عالم المكتبات الإلكترونية.
12 - إكساب المستفيدين من المكتبات مهارات الاستقصاء الذاتي عن المعلومات دون الرجوع إلى موظفي المكتبة، وبالتالي توفير في جهد موظفي المكتبة ووقتهم.
الاستنتاجات :
من خلال ما تقدم من عرض وتحليل لتسهيلات الإنترنت وخدمات المعلومات على هذه الشبكة ومردوداتها على المكتبات توصل الباحث إلى الاستنتاجات الآتية :
1 - إن المنتجات العلمية والتقنية والثقافية المتسارعة تحتم توافر وسائل أسرع وأكفأ لإيصال هذه المنتجات إلى من يحتاجها لأي غرض من الأغراض. وفي هذا تعتبر الإنترنت بديلاً لكل وسائل العصر الناقلة للمعلومات بأشكالها المختلفة (النص، الصور، الصوت، الرسم، الرقم). وعليه فإن ارتباط المكتبات بالإنترنت لم يعد ترفًا بل ضرورة العصر الذي نعيش فيه. إن المكتبات التي لا تعرف طبيعة هذا العصر والاستفادة من معطياته كالإنترنت ستبقى بعيدة عن مجريات العصر ، وبدلاً من أن تسير نحو التطور ستتراجع إلى الخلف .
2 - بالرغم من المردودات الإيجابية والقيمة التي يمكن أن تتحقق للمكتبات عن طريق الارتباط بالإنترنت ، فإن هناك عددًا من المشكلات التي ربما تواجهها هذه المكتبات والتي نستطيع حصرها بالآتي :
أ - مقاومة التغيير ، حيث إن العديد من المستفيدين ومن العاملين في المكتبات ربما لا يحبذون الارتباط بالإنترنت وخاصة أولئك الذين لم يتعاملوا في حياتهم مع الحواسيب وليست لديهم مهارات التعامل معها.
ب - الاختناقات في المعلومات والتوقفات المؤقتة في النظام، والتي تحدث نتيجة تدفق المستفيدين من الإنترنت بأعداد كبيرة.
ج - الحاجز اللغوي ، حيث إن المستفيد الذي لا يجيد اللغة الإنكليزية يواجه قيودًا في الاستفادة من خدمات الإنترنت .
د- عطل الخطوط الهاتفية ، أو كون هذه الخطوط ليست بالمستوى الذي يتناسب مع متطلبات الإنترنت .
هـ- الانقطاعات الكهربائية التي تؤدي إلى توقف في تقديم الخدمات.
و- توفير قطع الغيار للحواسيب في البلدان المستوردة لهذه الأجهزة مما يؤدي إلى توقف تقديم خدمات الإنترنت عند حدوث عطل في هذه الأجهزة والحاجة إلى قطع الغيار لإصلاح العطل.
ز- التأخير في دفع الفواتير المترتبة على المكتبة ربما يؤدي إلى قطع الاتصال من قبل مجهز الخدمة وبالتالي تعطيل خدمة الإنترنت.
ح- تدفق المستفيدين بأعداد كبيرة لاستخدام الإنترنت ربما يفوق إمكانات المكتبة المتاحة لذلك مما يؤدي إلى عجز المكتبة عن
تقديم الخدمات إلى هذه الأعداد الكبيرة من المستفيدين والذين سيصيبهم الإحباط جراء ذلك.
الهوامش
(1) ربحي مصطفى عليان ومنال القيسي. استخدام شبكة الإنترنت في المكتبات الجامعيـة (دراسة حالة لمكتبة جامعة البحرين) ، رسالة المكتبة، المجلد 34، العدد 4، 1999م، ص 4- 28.
(2) النشرة الإعلاميـة لليونيسست ، المجلد 25، العدد 1، 1997م ، ص 6 .
(3) النادي العربي للمعلومات. نظم المعلومات الحديثة في المكتبات والأرشيف. دمشق : النادي، 2000م، ص 11- 13 .
(4) Unesco. A Short Internet Guide . Paris, Unesco, 1998 , P. 3 .
(5) Ibid , p .3.
(6) Scott. A Teacher Guide to Understanding The Internet , ‘ The Internet : htt : / www geocities com / Athens / 4610 / page htm . 18 / 3 / 1998, p. 4.
(7) Uneslo .Op. Cit .p.5.
(8) Lynch , D. and Rose, N . Internet System Handbook .London , Addison Wesley , 1993 , p. 75.
(9) الدركزلي ، شذى سلمان. " الإنترنت: ثورة المعلومات والثقافة والتعليم "، آفاق الثقافة والتراث، العدد 66، 1997م، ص 13- 43.
(10) Scott . Op . Cit , p. 4.
(11) فضل كليب " الإنترنت ودورها التنموي في المكتبات " ، رسالة المكتبة، المجلد 33، العدد 1، 1998م، ص 29- 52.


(12) Dern, D.P. The Internet Guide For New Users. London, McGraw-Hill, 1994, p. 49.
(13) الصباغ ، عماد عبد الوهاب. " الإنترنت وآفاق النشر في العالم العربي ". رسالة المكتبة ، المجلد 34 ، العدد الأول والثاني، 1999م، ص 44- 57.
(14) الدركزلي ، شذى سلمان . المصدر السابق ، ص 51.
(15) "DEAL and Super Journals are unveiled", The Electronic Documents, Vol. 4. No. 10, 1995, p.7.
(16) الزبيدي ، ماجد ، شبكة الإنترنت واستخداماتها في المكتات ومراكز المعلومات (بحث مقدم إلى المؤتمـر الرابـع للمكتبييـن الأردنيين، 13- 14/8/1997، عمان)، ص 6 .
“Question box ”, CISTI News (17) International , Vol. 2 , No. 2 , 1995 ,
p. 3.
(18) حشمت قاسم. " الإنترنت ومستقبل خدمات المعلومات"، دراسـات عربية في المكتبات والمعلومات، العدد الأول، 1996م، ص44-84.
(19) CISTI News International, Vol . 2 , No. 2 . 1995 . p.5 .
(20) الزبيدي، ماجد. "الإنترنت والتدريب في علوم المعلومات والمكتبات"، رسالة المكتبة، المجلد 35، العددان الأول والثاني، 2000م، ص 63- 76.

المؤلف:

* حصل على شهادة البكالوريوس آداب (لغة إنجليزية) / جامعة بغداد سنة 1966م.
- حصل على الدبلوم العالي في المكتبات والتوثيق / جامعة بغداد سنة 1975م.
- حصل على شهادة الماجستير في علم المكتبات / المملكة المتحدة سنة 1980م.
- حصل على شهادة الدكتوراه في علم المكتبات والمعلومات / المملكة المتحدة عام 1983م.
- يعمل حاليًّا رئيسًا لقسم المكتبات وعلم المعلومات / كلية الآداب - جامعة صنعاء.

ليست هناك تعليقات: