الخميس، 18 سبتمبر 2008

العرب إنترنت ، الجوانب الاجتماعية والاقتصادية

د.بشار عباس

مستخلص :

تزداد أهمية إنترنت على المستوى الدولي مع تنوع استخداماتها وازدياد عدد المستخدمين ، ولا تنحصر أهمية إنترنت اليوم في مجال تبادل المعلومات فهي تؤدي اليوم أدواراً سياسية وإعلامية واقتصادية وثقافية اجتماعية وعلمية هامة جداً ، وتبحث هذه الورقة في منعكسات استخدام إنترنت على البلدان العربية .

1ـ مقدمة :

لم تعد إنترنت مجرد شبكة عالمية لتبادل المعلومات ، ولم تعد مجرد مخزن هائل للمعلومات أو أداة استثنائية للتبادل السريع للمعلومات ، بل تؤدي اليوم مهاماً استثنائية ذات منعكسات سياسية وإعلامية واقتصادية وثقافية وعلمية واجتماعية ، وتدور حول إنترنت حوارات معمقة في جميع أنحاء العالم ورغم أهمية الإنترنت التي لا ينكرها أحد ، تتعارض الآراء حول منعكسات استخدامها أحيانا تصل إلى حد التناقض الكلي ، فيراها معظم مستخدميها نعمة فريدة وأفضل تطور تقني في عصرنا ، ويدافعون عن أهمية منعكساتها الإيجابية ، في حين يراها فريق آخر أداة لسيطرة ثقافة ولغة المراكز الدولية على مستوى العالم وفرض أنماط حياتها على باقي الشعوب ، ودعم مستوى تطورها الاقتصادي على حساب دول العالم الأخرى ونحن نرى ان التطورات التكنولوجية الكبرى التي ترسم المنعطفات التاريخية العميقة ليست في حد ذاتها شيئاً إيجابيا او سلبياً ،وقد يكون الحوار حول مدى إيجابيات أو سلبيات إنترنت أو عصر المعلومات عموماً تكراراً للحوارات حول الثورة الصناعية في القرنين التاسع عشر والعشرين، فحتى في ذلك الحين رأى بعض المفكرين في الانتقال إلى المجتمع الصناعي دماراً للطبيعة وللمجتمع الإنساني ودعوا إلى المودة إلى المجتمع الإنساني الطبيعي ودعوا إلى العودة إلى " مجتمع الطبيعة " غير أن هذه الأفكار مهما بدت جميلة وجذابة لم تستطع وقف مسار التاريخ وقاطرة التطورات التكنولوجية العميقة ، وهانحن نقف اليوم أمام تحول عميق آخر في التاريخ الإنساني سيؤدي في نهايته للانتقال إلى عصر المعلومات وهو عصر مختلف في قوانينه وبنيته الاقتصادية وفي هياكله الاجتماعية وأدواته التقنية عن العصر الصناعي اختلافا كبيراً ، مما يبرر إطلاق تسمية ثورة المعلومات على هذه المرحلة الانتقالية التي نعيشها اليوم ، وأمام هذه الثورة الجديدة ، لا يسعنا أن نقف موقف المترديين الخائفين من التطورات الجديدة ، ولا يسعنا أن نكرر الدعوات إلى وقف هذا التطور مهما كانت آراؤنا فيه، فأمام التحولات الاجتماعية التاريخية الكبرى يتوجب على الباحثين دراسة مسار هذه التحولات، ورسم الخطط الملائمة لمجتمعاتهم للوصول بها إلى افضل سوية ممكنة في جميع المجالات ضمن الظروف الراهنة وعلى ضوء فهمهم لمسار التحولات الاجتماعية الاقتصادية الكبيرة وتوجهاتها المستقبلية .

2ـ من هم مستخدمو إنترنت في البلدان العربية ؟

يتعاظم عدد مستخدمي إنترنت في العالم وقد وصل عدد المستخدمين اليوم إلى 230 مليون مستخدم ، ويتوقع وصول هذا العدد خلال عام واحد إلى 300 مليون وهو رقم لم يكن يتخيله أحد من مؤسسي الشبكة أو من روادها المتفائلين ولقد حطمت إنترنت جميع الحدود الإحصائية فقد احتاجت خدمة الراديو إلى 38 سنة حتى اصبح لديها 50 مليون مشترك بينما احتاجت خدمة التلفزيون 13 سنة واحتاج الحاسوب الشخصي إلى 16 سنة في حين إن إنترنت احتاجت إلى 4 سنوات منذ بدايتها التجريبية حتى تخطت هذا الحاجز .
وفي عام 1996 كان عدد المشتركين 40 مليون مشترك تزايدوا في عام 1997 إلى اكثر من 100 مليون مشترك، والى اكثر من 230 مليون في النصف الثاني من عام 1999 ، وسيصل إلى 300 مليون عام 2000 ،والى مليار مشترك ما بين عامي 2003 و 2005 ،ومع تعاظم عدد المستخدمين ، يرتفع حجم تبادل المعلومات وفقاً لسلسلة هندسية ، فهو يتضاعف كل مئة يوم ، وهي نسبة مذهلة لها منعكسها الإيجابي على المستخدمين من حيث حجم المعلومات المتوفرة القابلة للنقل والتحميل ، ولكن هذه الظاهرة ستؤدي في النهاية إلى تباطؤ الشبكة. ونظراً لأهمية الانترنت بالنسبة للمؤسسات العلمية والاقتصادية في الولايات المتحدة ، فقد درست هذه المؤسسات احتمالات تباطؤ الشبكة، وانطلقت ببناء مشروعين كبيرين هما(إنترنت 2: Internet II )
و (إنترنت الجيل التالي NGI: Next Generation Internet )، وكلاهما يوفر للمستخدمين سرعات هائلة تفوق ألف مرة سرعة إنترنت الحالية بالنسبة لمشروع إنترنت 2 ومئة ألف مرة بالنسبة لمشروع NGI إنترنت الجيل الثاني. ومن المفارقات أن بلدان العالم الثالث لم تدخل بعد بصورة فعالة ميدان استخدام إنترنت في الوقت الذي تنتقل فيه المؤسسات الأمريكية إلى تقانة أخرى، تماماً كما احتفلت بعض مدن البلدان النامية بدخول الإشارات الضوئية إلى شوارعها في حين كانت اليابان تحتفل بإلغائها.


1.2 – ما هي حصة البلدان العربية من استخدام إنترنت؟

إنها حصة ضئيلة بالمقارنة مع المعدل العالمي للاستخدام، فقد تجاوز عدد مستخدمي إنترنت العرب عتبة المليون ، ولكن هذا الرقم لا يشكل سوى 0.43 من عدد مستخدمي إنترنت عالمياً، في حين يبلغ عدد السكان في الدول العربية 300 مليون أي حوالي 5% من سكان العالم، أي أن نسبة المستخدمين العرب أقل بـ 11.5 مرة من معدل الاستخدام العالمي.
إلا أن نسبة نمو عدد المشتركين (Subscribers) في البلدان العربية تبدو مذهلة في بعض الأحيان فقد حقق عدد المشتركين قفزات كبيرة بين كانون أول /ديسمبر عام 1998 ونيسان /أبريل عام 1999، فخلال أربعة أشهر ازداد عدد المشتركين في المملكة العربية السعودية بنسبة 140.6% وفي سورية ولبنان بنسبة 72.3% وفي مصر بنسبة 42% وفي الإمارات العربية المتحدة بنسبة 33.5% وعلى هذا الأساس قد نصل إلى معدلات مذهلة للنمو السنوي تتجاوز 400% في بعض البلدان العربية.

2.2 – ما هي أعمار وجنس المستخدمين؟

أظهرت دراسة أجرتها مجلة إنترنت العالم العربي في منتصف عام 1999 أن متوسط أعمار مستخدمي الإنترنت في البلدان العربية بلغ 29.9 سنة، ويتجه هذا المعدل نحو الارتفاع فقد كان في استطلاع سابق قبل عام ونصف حوالي 28.9 سنة، ويقل هذا المعدل عن المتوسط العالمي البالغ 33 عاماً، مما يؤكد أن المتقدمين في العمر في البلدان العربية لا زالوا مترددين في الانضمام إلى هذه الشبكة.
وقد بلغت نسبة الإناث ممن شاركوا في الاستطلاع 6% فقط وهو رقم أفضل من الدراسة السابقة التي جرت قبل عام ونصف حيث كانت النسبة 4.5 % فقط ، وهي نسبة منخفضة جداً إذا قارناها بالمتوسط العالمي البالغ 32 %.
3.2 – ما هي مهن المستخدمين ومستواهم التعليمي؟

يشكل الجامعيون نسبة 46% من مستخدمين إنترنت العرب، والحاصلون على ماجستير ودكتوراه 16.5% ، وقد بلغت نسبة حاملي الشهادة الثانوية (أو أقل) 27 % وقد جاءت هذه النسبة مرتفعة عن النسبة المقابلة 17 % التي ظهرت في الدراسة التي جرت قبل عام ونصف، مما يؤكد تحول إنترنت تدريجياً من أداة للمتخصصين إلى أداة شعبية.
أما من الناحية المهنية فإن أعلى نسبة استخدام سجلها المهندسون - مهندس كمبيوتر واتصالات 15 % ومهندس لا يعمل في الاتصالات 9 % ومهندس إداري 2.1% ( أي ما مجموعه 26.2 %) ، فإذا أضفنا إليهم فنيي الكمبيوتر والاتصالات (10%) تصبح النسبة 36.2%)، تأتي بعد ذلك نسبة المستشارين الفنيين (5.4 %) والإداريين (4.7%) والمحاسبين (3.9%) ومهن طبية (3.1)، وتتراوح مهن أخرى مختلفة بين (1.5-2.5%) تضم الأطباء والرياضيين ورجال المبيعات والتسويق والدعاية والإعلان أما اللافت للنظر فهي نسبة الكتاب والصحفيين والإعلاميين التي بلغت نسبة 1.3% في حين أن الصحافة والإعلام وثيقة الصلة بالإنترنت أكثر من المحاسبين مثلاً الذين بلغت نسبتهم (3.9%) أي ثلاثة أضعاف نسبة الإعلاميين.
4.2 – اللغات الأجنبية :

معظم مستخدمو الإنترنت العرب (88%) يستخدمون الإنكليزية كلغة ثانية لكن درجة إتقان الإنكليزية تتفاوت بينهم بشكل كبير، غير أن هذه النسبة لا تأخذ بعين الاعتبار مستخدمي الشبكة من المغرب العربي الذين تبلغ نسبيتهم 8.1 % من المستخدمين العرب أي أن النسبة الحقيقية للغة الإنكليزية كلغة ثانية على الإنترنت في البلدان العربية تبلغ 80% ونسبة اللغة الفرنسية 10% واللغات الأخرى 10% .

5.2 – من المنزل أم من العمل؟

بلغت نسبة استخدام إنترنت من المنزل 72% ، وقد سجلت زيادة عن النسبة السابقة (50%)، أما نسبة الاستخدام من العمل فهي 22% مما يؤكد توسع انتشار إنترنت خارج أطر العمل، واتجاهها لتصبح أداة شعبية جماهيرية، وهذا التوجه ينسجم مع طريقة استخدام إنترنت في أمريكا، في حين أنه يتعارض مع النسب المسجلة في أوربا، حيث نجد استخدام إنترنت في العمل يفوق استخدامها في المنزل.



3 – دور إنترنت في الاقتصاد والتنمية:

يشهد العالم تحولاً متسارعاً نحو اقتصاد المعرفة Knowledge Based Economy الذي يعتمد أساساً على تكنولوجيا المعلومات، حيث تزداد نسبة القيمة المضافة المعرفية بشكل كبير، وتغدو سلع المعلومات سلعاً هامة جداً، وترتبط مسألة التنمية والتطور الاقتصادي بالقدرة على الاستثمار الأمثل لتكنولوجيا المعلومات والقدرة على إدخال المعلومات في البنية الاقتصادية والتوسع المستمر في قطاع المعلومات الذي يتحول إلى قاطرة التنمية والتطوير الاقتصادي في مختلف أنحاء العالم، وتعد الإنترنت أحد الأسس الهامة لهذا الحامل الأساسي لهذه التحولات الجذرية.
وقد بلغ حجم التجارة الإلكترونية عام 1998 2.3 تريليون دولاراً وقد بلغ هذا الرقم في عام 1999 3.5 تريليون دولاراً، ونسوق فيما يلي بعض الأمثلة على أهمية استخدامات إنترنت اقتصادياً.

· باعت شركة الأمازون مئات آلاف الكتب عبر الإنترنت عام 1996 وبلغ حجم مبيعاتها 16 مليون دولاراًن أما في عام 1997 فقد بلغت 148 مليون دولار وفي عام 1998 250 مليون دولار وبلغ عدد زبائنها 4.5 مليون وعدد زوار موقعها على الإنترنت عشرات الملايين.

· تكلف عملية حجز الطيران عن طريق الوكيل 8 دولارات وعن طريق الشركة مباشرة 6 دولاراً بينما إذا تمت عن طريق الإنترنت فإنها تكلف دولاراً واحداً فقط.

· أصبح هناك كثير من البضائع التي تباع عن طريق إنترنت كالبرمجيات والكتب والسيارات ، ولا يمكن للوسائل التقليدية أن تصمد في المنافسة مع جاذبية الطرق الجديدة إذا أن أعظم مخزن للكتب لا يتسع لأكثر من 150.000 كتاب بينما تستطيع الشركات الإلكترونية أن تعرض 3 ملايين كتاب مخزنة على رف واحد في موقعها على إنترنت كما في موقع شركة الأمازون.




1.3 – المواقع التجارية العربية على الإنترنت:

تدل تقديرات المختصين إلى أن سورية تملك غالباً 200 موقعاً تجارياً ذات طابع إعلاني دعائي على الإنترنت، وتملك لبنان أكثر من 1000 موقع في حين تملك كل من مصر والإمارات العربية المتحدة أكثر من 2000 موقع لكل منهما. وتقبل بعض الفنادق الحجز عبر موقعها على الإنترنت، كما تتسلم بعض الشركات طلبيات بشراء بضائعها: لقد انطلقت العمليات التجارية في البلدان العربية عبر الإنترنت، ولكنها لا تزال تجري ضمن إطار تجريبي حتى الآن، ويغلب عليها الطابع الإعلاني الدعائي.
إن هنالك فرصاً كبيرة أمام رجال الأعمال المبادرين الأذكياء الذين يجيدون اقتناص الفرص الجديدة ويبحثون عن أسواق جديدة، فالمستخدمون العرب تجاوزوا لتوهم عتبة المليون ولن يمضي منتصف عام 2000 حتى يصلوا إلى مليوني مستخدم، وتدل الدراسات التي ذكرناها سابقاً أن تركيبة مستخدمي إنترنت لا تنحصر بالاختصاصيين بل هي تتجاوز ذلك إلى الشرائح الشعبية الأوسع حيث تزداد نسبة المستخدمين الذين لم يحصلوا سوى على الشهادة الثانوية أو أقل.
إلا أن معظم المواقع العربية مصممة باللغة الإنكليزية أو باللغة الفرنسية ، وقد بدأت خلال عام 1999 تتجه إلى تعريب مواقعها كما تتجه الشركات الجديدة إلى تصميم مواقع ثنائية اللغة على الإنترنت، إلا أن استكمال هذه التوجه يتطلب استمرار عملية تعريب البرمجيات المستخدمة في الإنترنت والوصل بصورة خاصة إلى محركات بحث قوية باللغة العربية، والاهتمام بنظم الترجمة الآلية من وإلى اللغة العربية.
إن السوق الذي توفره إنترنت أمام المستثمرين العرب واسعة جداً، وهي بحجم الشبكة بكاملها من حيث المبدأ، ولكنها بمقياس مستخدمي الإنترنت العرب ليست سوقاً ضيقة، وتستطيع إنترنت أن تقدم فرصة جيدة للمستثمرين العرب بتجاوز تعقيدات التبادل التجاري بين البلدان العربية والتوجه إلى الزبون مباشرة من خلال موقعها باللغة العربية على الإنترنت.

2.3 – إنترنت والتنمية في البلدان العربية:

لا تزال إنترنت بعيدة عن الاستخدام المباشر في مجال التنمية بالمعنى الضيق للكلمة، ولكن مجرد انتشار استخدام إنترنت في البلدان العربية يوفر تواصلاً أكبر مع عصر المعلومات ومع أهم أدوات تكنولوجيا المعلومات في هذا العصر: الإنترنت، مما يهيء أرضية جيدة للانطلاق في مجال التنمية، فمن المعروف أن الاقتصاديين اليوم يعملون على إدخال عامل المعرفة بشكل مباشر وواضح في نظرياتهم ونماذجهم الاقتصادية، منها مثلاً "نظرية النمو الجديدة" ، فالعلاقة بين التنمية وبين توليد المعلومات واستخدامها أصبحت واضحة.
وتدل الإحصاءات على أن أكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي في الدول المتقدمة مبني على المعرفة، وهكذا أصبح الاستثمار في المعلومات أحد عوامل الإنتاج فهو يزيد في الإنتاجية كما يزيد في فرص العمل.
إن السعي إلى تطوير إنتاج سلع المعلومات يتطلب جملة من الشروط غير متوفرة حتى الآن في البلدان العربية.
إن توفير المعرفة وتحويلها إلى معلومات رقمية يجعلها تتحول إلى سلعة تزداد أنواعها يوماً بيوم، ويعتمد ذلك على مراحل : توليد المعلومات ونقلها ونشرها واستثمارها ، ولقد بدأت بعض المؤسسات العربية بالدخول في عملية توليد المعلومات، وهذه المرحلة لا تزال ضعيفة ، إلا أن مرحلة النقل والنشر أضعف منها، والمرحلة الأخيرة: استثمار المعلومات هي الأضعف، وذلك بسبب ضعف البنية التحتية للمؤسسات العربية وعدم إدماج المعلومات في نظام عملها.
ويعتمد اقتصاد المعرفة اعتماداً أساسياً على فعالية الشركات في جمع المعرفة واستعمالها لرفع الإنتاجية وتوليد سلع خدمات جديدة، توزع عبر شبكات المعرفة التي تتغير المعلومات فيها بمعدلات سريعة، وستؤدي شبكة الإنترنت دوراً أساسياً في تشبيك المعرفة وطنياً على مستوى كل بلد عربي وعربياً على مستوى البلدان العربية جميعها.

3.3 – مواقع الشركات العربية لتطوير البرمجيات:

تظهر دراسة أعدتها مجلة إنترنت العالم العربي أن 60 % ممن يملكون حواسب شخصية في البلدان العربية يبدون ميلاً كبيراً نحو الاشتراك في الإنترنت، كما أن مشتركي إنترنت هم من يملكون أجهزة الكمبيوتر ويستخدمون تطبيقاتها ، مما سيفيد الاتصال المباشر عبر الإنترنت بين شركات البرمجيات العربية ومستخدمي برامجها ، وإن اعتماد هذه الطريقة سيفتح الباب أمام تسويق البرمجيات وتسجيل الطلبيات بل وتقديم دعم فني وصيانة البرمجيات عبر الشبكة.
تهدف معظم مواقع شركات البرمجيات العربية إلى مجرد التعريف أساساً بالشركة ومنتجاتها، مما يقلل من الفائدة الكامنة فيها، بما فيها إمكانية زيادة المبيعات، فمن أصل 20 موقعاً لشركات البرمجيات العربية رصدتها مجلة
software & Hardware Solutions for Y2K Problem ليس ثمة سوى 6 مواقع تتضمن نماذج شراء بينما تضمنت 8 مواقع قوائم بأسعار منتجاتها.
وقد تختلف الأسعار بين شركة تقوم بمهمة البيع المباشر، وأخرى تسوق برامجها من خلال شبكة من الوكلاء والموزعين، وعموماً تتساوى مواقع شركات البرمجيات مع مواقع باقي القطاعات في حقول استخدامها للإنترنت ونوجز فيما يلي السمات العامة لهذه المواقع:
· تكتفي معظم الشركات بتعريف عادي بالشركة ومنتجاتها.
· لم تستخدم الشركات – باستثناء ندرة منها – مواقعها في البيع المباشر.
· معظم المواقع تستخدم اللغة الإنكليزية كلغة وحيدة رغم أنها موجهة أساساً إلى الزبائن العرب.
· إذا توفرت إمكانية القبض في بعض المواقع من خلال نماذج الشراء فإن خدمة الدفع الآمن غير متوفرة إلا في قليل من المواقع.
· تعتمد معظم الشركات التي لديها مواقع إنترنت على وسائل الاتصال التقليدية أكثر من اعتمادها على البريد الإلكتروني.
· تعتمد عدد كبير من الشركات على أساليب البيع غير المباشر – من خلال البريد الإلكتروني وأساليب الاتصال والتحويل النقدي التقليدية.
· وتعتمد شركات البرمجيات العربية عموماً على أساليب الاتصال التقليدية أكثر من اعتمادها على البريد الإلكتروني وذلك كما هو مبين في الجدول التالي:

الوسيلة
الإسهام الحالي
الإسهام المستقبلي
نسبة النمو
الفاكس
56%
33%
23%ــ (نمو سلبي )
الهاتف
25%
18%
7%ــ (نمو سلبي)
البريد الإلكتروني
19%
49%
30% + (نمو إيجابي)

جدول رقم (1) نسبة استخدام أدوات الاتصال في المبيعات

إن استخدام الإنترنت في مجال تسويق البرمجيات سيتيح خدمات أسرع، وسيمكن الزبون من تحميل المنتج من موقع الشركة مباشرة مع وثائقه الإلكترونية وأدلة الاستخدام على أن يتم استلام أدلة الاستخدام الورقية لاحقاً بالبريد العادي، مما يقلص التكلفة النهائية للبرامج العربية ويساعد نسبياً في انتشار الإصدارات الأصلية ويحد نسبياً من القرصنة.
كما أن مهمات الدعم الفني تصبح أسهل بكثير عبر استشارة موقع الشركة من خلال صفحات الأسئلة المتكررة FAQ وتعليمات وإرشادات الاستخدام كما قد يتضمن الموقع نموذج طلب دعم فني يساعد الزبون والشركة معاً في وصف المشكلة وتوثيق معالجتها، غير أننا نلاحظ من خلال الدراسة المشار إليها أعلاه أنه لم تتوفر الأسئلة المتكررة ونماذج الدعم الفني سوى في 9.9% من الشركات، بينما تضمنت مواقع نسبتها 4.9% فقط تلميحات وإرشادات. مما يبعد الشركة كثيراً عن جني ثمار إنشاء موقع على الإنترنت ، ولا يمكنه من استثمار الموقع الاستثمار الأمثل. وقد جاء ترتيب أفضل مواقع شركات البرمجيات العربية كالتالي:
· أفضل المواقع تكاملاً وشمولاً: صخر.
· أفضل المواقع من حيث الخدمات المباشرة: لا ياوت ليمتد.
· أفضل المواقع تصميماً: كوزموس.
· أفضل المواقع عرضاً لمنتجاته: موقع جيسكو.

4.3 – إنترنت وانفتاح الشركات العربية على الاقتصاد العالمي:

الاقتصاد المبني على المعرفة هو اتجاه متنام نحو آفاق التكامل العالمي، وفي نهاية هذا العام ستخضع 90% من قوة العمل العالمية لقوانين اقتصاد عالمي مفتوح. وطبعاً لم يكن هذا الاقتصاد ممكناً لولا ثورة المعلومات والاتصالات فعندما يتحدث الباحثون عن العالم كقرية صغيرة أو ربما كمدينة كونية فإن ذلك يعني بالدرجة الأولى تقصير المسافات من خلال شبكة إنترنت. ولكن التجارة كانت أول المستفيدين من خدمات إنترنت، لتعزيز الاتصال وإبرام الصفقات والإعلان والترويج والتسويق والحصول على المعلومات في الزمن الحقيقي عن وضع الاقتصاد العالمي وعن الأسواق والشركات المنافسة، وأخيراً لعقد شراكات مع حلفاء أقوياء في دول أخرى وتقسيم العمل بين مجموعات مختلفة وتقاسم نتائج هذه الشراكة.
ولقد اتخذت معظم الدول العربية قراراً بالانضمام إلى منظمة التجارة الدولية WTO مما يعزز أهمية الإنترنت للشركات العربية، وتتخوف كثير من المؤسسات التجارية العربية من آثار هذا الانفتاح على الاقتصاد العالمي، وفي الواقع أن هذا التحول يحمل في طياته مخاطر ولكنه يحمل أيضاً فرصاُ جديدة، فإذا استطاعت المؤسسات العربية أن تطور نفسها وترفع من سوية أدائها وأن تستثمر تكنولوجيا المعلومات بصورة جيدة بما في ذلك رفع كفاءة استثمار إنترنت،
ستستطيع أن تحول مخاوفها إلى آمال جديدة، وإلى فرص حقيقية وذلك من خلال:

1.4.3 – الإفادة من الطريقة الحديثة في إقامة شراكة بين عدة مؤسسات صناعية وتجارية في بلدان مختلفة، وإمكانية تكامل مراحل صناعية معينة تقام في عدة دول ويتم تجمع المنتج النهائي وتسويقه بإشراف هذه الشركات التي تعمل كفريق عمل واحد، ويمكن تطبيق روح هذه التوجهات في مجال السوق العربية المشتركة ، وتفيد شبكة إنترنت كثيراً في تحقيق هذه التوجهات.

2.4.3 - ثمة تطور إيجابي في الاقتصاد العالمي وهو إتاحة الفرصة للاستثمارات التي لا تملك رؤوس أموال هائلة ، ولكنها تملك القدرة على العمل في قطاع المعلومات وتمتلك الخبرة وروح المبادرة والتنظيم الإداري المتطور، مما يشكل فرصة عظيمة أمام الجيل الجديد من المستثمرين الطموحين في البلدان العربية الذين تنقصهم رؤوس الأموال الضخمة ولكنهم يستطيعون تعويض هذا النقص من خلال الإدارة المتطورة والديناميكية العالية في تنظيم العمل وستفيد شبكة الإنترنت واستخدام تكنولوجيا المعلومات في نجاح هذه التوجهات.

3.4.3 – تحتاج النهضة التنموية الاقتصادية إلى إنشاء نظم وطنية للمعلومات العلمية في البلدان العربية، وستفيد الإنترنت أيضاً في تشبيك نظم المعلومات الوطنية على المستويين الوطني والعربي، بما في ذلك تشجيع التعاون العلمي بين البلدان العربية الذي لا يزال ضعيفاً.

5.4.3 – يمكن لشبكة الإنترنت أن تشجع التبادل التجاري البيني بين البلدان العربية الذي لا يزال ضعيفاً ( لا يتجاوز 15% من الحجم الإجمالي للتجارة العربية) كما يمكن للإنترنت أن تحسن حجم الصادرات العربية إلى الأسواق العالمية.

4- الجوانب الاجتماعية لاستخدام إنترنت في البلدان العربية:

تثير الجوانب الاجتماعية لاستخدام الإنترنت أوسع النقاشات وأعمقها على المستوى العالمي، ومن الطبيعي أن يحظى هذا الموضوع باهتمام الباحثين العرب بمختلف اختصاصاتهم. والمواضيع الأكثر إثارة للجدل والنقاش هي : الخصوصية وحماية المعلومات للأفراد والمؤسسات، حماية الحقوق الفكرية، الهوية الثقافية العربية، تحديث التقاليد والقيم الاجتماعية، ونعرض فيما يلي أهم وجهات النظر والأمثلة المستقاة من واقع استخدام إنترنت في البلدان العربية.




1.4 – ثقافة واحدة أو حوار بين الثقافات؟

انطلقت شبكة إنترنت في الولايات المتحدة الأمريكية في بداياتها، وقد كانت السيادة المطلقة في تلك المرحلة للغة الإنكليزية، مما أثار تساؤلات عديدة حول الدور الذي ستؤديه إنترنت في التأثير على الثقافات القومية الأخرى، وظهرت مخاوف بأن استمرار هذا التوجه سيؤدي إلى تهميش الثقافات القومية لبلدان العالم وإلى سيادة ثقافة المركز وإلى سيطرة نماذج المجتمع الاستهلاكي وقيمه.
إلا أن الإحصاءات الأخيرة التي ظهرت في عام 1999 تنفي مخاوف سيادة اللغة الإنكليزية كلغة وحيدة أو شبه وحيدة على الإنترنت، فنسبة مستخدمي إنترنت الذين يستخدمون الإنكليزية كلغة وحيدة هي 57.4% مقابل 42.6 % للغات غير الإنكليزية، وتقول إحصاءات إنترنت العالمية Global Internet Statistics إن مجموعة اللغات غير الإنكليزية هي أسرع مجموعة في معدل نموها على الإنترنت ويبلغ عدد مستخدميها اليوم أكثر من 95 مليون ويشكل اليابانيون 20 % من هذه المجموعة والألمان 15% والصينيون 10%.
كما ظهرت في الأعوام القليلة الماضية محركات بحث تتضمن نظم ترجمة آلية وتستطيع أن تقدم نتائج بحث تشمل الوثائق الملائمة بلغات أخرى حتى لو لم تكن مطابقة للغة الاستفسار.
ولذلك نقول بكل ثقة إن شبكة إنترنت تتجه إلى تعدد اللغات وتكاملها، وإمكانية إطلاع كل مجموعة لغوية على المعلومات التي تقدمها أية مجموعة أخرى. وبذلك تستطيع إنترنت أن تتحول إلى أداة فعالة لحوار الثقافات.
أما المخاوف من سيادة نماذج المجتمع الاستهلاكي، فنقول إن إنترنت هي أداة لنشر المعلومات والإعلام والتجارة وهي تتشارك في بعض آثارها وطرق عملها مع التلفزيون مع الفارق في مدى تأثير التلفزيون وجماهيريته التي تفوق دون شك شعبية الإنترنت، فلماذا نرى أن شبكة إنترنت تحمل معها مخاطر فرض النموذج الاستهلاكي، رغم أن هذا الأمر قد ييسره التلفزيون بصورة أسهل وأكثر فاعلية ، فقد عرضت القناة الرئيسية المصرية مسلسل (الجريء والجميلات) وهو مسلسل يعتمد على الإثارة بمختلف أنواعها ويشجع قيم الربح السريع والوصول إلى السهل إلى الثروة مهما تنوعت الطرق ومهما كلفت من متطلبات ، وقد حاز هذا المسلسل على شعبية كبيرة في أوساط الشباب، وتصادف أن عرضت القناة نفسها فيما بعد مسلسلاً يابانياً اسمه (أوشين) حاز أيضاً على شعبية واسعة في أوساط المصريين بمن فيهم أوساط شباب، ولكن مسلسل (أوشين) يقدم قيماً اجتماعية مناقضة لمسلسل (الجريء والجميلات) فهو يقدم قصة امرأة يابانية صعدت السلم الاجتماعي عبر سنوات طويلة من التعب ومن التضحيات ومن خلال الحرص على علاقات التماسك الاجتماعي الأسروي، وقد آثار هذان المسلسلان حوارات واسعة في الصحافة المصرية، فقد تحمس بعض الصحفيين للمسلسل الأول لأنه يرمز إلى عالم الانفتاح والعصرية والتقدم والتحرر وانتقدوا المسلسل الثاني لأنه يكدر الناس، متناسين أن المسلسلين كلاهما يمثلان ثقافة انفتاح: انفتاح على تجارب الشعوب الأخرى وثقافاتها سواء كانت ترسخ قيم المجتمع الاستهلاكي، أم تشجيع قيم اجتماعية أخرى أكثر تماسكاً وتواصلاً وإنسانية.
وعلى العرب أن يواجهوا علم الإنترنت بهذه العقلية: عقلية الانفتاح والحوار مع ثقافات الشعوب الأخرى، دون أن يعني ذلك إلغاء الهوية الثقافية العربية أو تهميشها أو إضعافها.
سيواجه العرب عبر الإنترنت وعبر وسائل الإعلام الجماهيري مخاطر عديدة وخاصة مخاطر الاختراق الثقافي تحت شعار تحديث الثقافة العربية، متناسين أن تحديث الثقافة من الخارج يكرس الثنائية والانشطار في الثقافة العربية، وأن تجديد الثقافة لا يمكن أن يتم إلا من داخلها بإعادة بنائها وممارسة الحداثة في معطياتها وتاريخها، والتماس وجوه من الفهم والتأويل لمسارها، تسمح بربط الحاضر بالماضي في اتجاه المستقبل.
إن تجديد الثقافة العربية من الداخل موقف صعب وهو يتناقض مع المواقف السهلة كموقف الرفض المطلق للحداثة والانغلاق الكلي وهو موقف الهروب إلى الخلف، وموقف القبول التام بالاستبدال الثقافي والاختراق والاستتباع الحضاري وهو موقف الهروب إلى الأمام.
نحن بحاجة إلى الدفاع عن هويتنا الثقافية العربية، ولكن حاجتنا إلى هذا الدفاع تتساوى تماماً مع حاجتنا إلى تجديد الثقافة وإلى اكتساب الأسس التي لابد منها لدخول عصر العلم والتقانة، بما في ذلك الإنترنت، وتحتاج عملية تجديد الثقافة إلى احترام روح الحوار الديمقراطي بين المثقفين العرب، وتحكيم المناهج المنطقية العقلانية في هذه الحوارات ، وتستطيع الإنترنت أن تؤدي دوراً إيجابياً ديناميكياً كبيراً في مجمل هذه العملية التي تستهدف انفتاح الثقافة العربية على ثقافات الشعوب الأخرى، وتسعى في الوقت نفسه إلى تجديد الثقافة العربية من الداخل عبر حوارات معمقة بين المثقفين العرب.

2.4 – إنترنت وبناء نظم المعلومات العلمية العربية:

لم تحقق محاولات البلدان العربية إنشاء نظم وطنية للمعلومات العلمية نجاحاً مرضياً، وبالطبع فشلت هذه البلدان في إقامة تكامل مقبول وتعاون فعال بين المؤسسات العلمية العربية في بلدانها المختلفة.
وإذا انطلقنا من الوقائع سنجد أن البلدان العربية تمتلك كل المؤهلات لإنشاء هذه لنظم، فمن بين مجموع العاملين العرب البالغ عددهم 84 مليوناً، ثمة أكثر من 10 ملايين من خريجي الجامعات أي ما نسبته 12 % من القوة العاملة العربية، وأكثر من ثلث هؤلاء الخريجين مختصون في العلوم الأساسية أو التطبيقية، ويضمنون في صفوفهم 50.000 من حملة شهادة الدكتوراه و 700.000 مهندس ، وقد ارتفع عدد الجامعات العربية من عشر جامعات عام 1950 إلى 175 جامعة عام 1995، وقد ازداد الإنفاق على هذه الجامعات من 4 مليار دولار عام 1991 إلى 6.9 مليار دولار عام 1996، وبلغ عدد طلبة الجامعات العربية 3.2 مليون طالب في العام الدراسي (1995-1996)، وقد نشر العلماء العرب العاملين في الف أكاديمية عربية 7077 مقالة عالمية عام 1995 في مجالات علمية محكمة معروفة وقد بلغ ناتج المنشورات العالمية لكل مليون شخص عربي /26/ في عام 1995 في الوقت الذي بلغ فيه هذا الناتج /144/ في كوريا الجنوبية و /42/ في البرازيل و /11/ في الصين و /19/ في الهند .
وكل هذه الأرقام تؤكد امتلاك الدول العربية القوة البشرية اللازمة لبناء منظومة للعلوم والتقانة، غير أن هذا لا يكفي فلابد من امتلاك الإرادة الحقيقية والقرار السياسي، وهذان العنصران لا يمكن الوصول إليهما إلا عبر سلسلة من المشاريع التعاونية العلمية الناجحة بين البلدان العربية، وقد فوتت الدول العربية على نفسها فرصاً عديدة في هذا المجال ففي الستينات والسبعينات مولت الجزائر أبحاثاً لتطوير تقنيات تسييل الغاز لتتمكن من نقله إلى أوروبا، وبدلاً من أن يتعاون العلماء العرب في إنجاز هذه المشروع العلمي، ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏تم منح تمويل للشركات الغربية لإنجازه، مما فوت على البلدان العربية فرصة ثمينة لنقل التكنولوجيا. والمشكلة مستمرة حتى يومنا هذا ، فمعظم الاحتياجات التقنية العربية تلبيها الشركات الاستشارية والصناعية الأجنبية على طريقة المفتاح باليد.
ولابد من البدء ببناء نظم المعلومات العلمية العربية مستفيدين مما توفره إنترنت من وسائل الاتصال بين الباحثين العرب، ومما توفره من إمكانية اكتساب خبرة في التفاوض مع شركات محلية ودولية للتعاقد من الباطن، ولتقديم مشاريع تتضمن إنجاز تقنيات معينة بشرط ضمان عنصر نقل تكنولوجيا، ومن المؤكد أن إنترنت تفيد في هذه التوجهات وذلك عبر تقديم مساعدة فعالة في المجالات التالية:
- دعم تعليم القوة البشرية العلمية.
- دعم نشاطات مؤسسات عربية استشارية للهندسة والتخطيط.
- تطوير خدمات المعلومات.
- تعزيز خدمات المقاييس والقواعد القانونية والاختبارات.
- تعزيز التعاون بين الباحثين العرب.

3.4 – كيف يتعامل المستخدم العربي مع إنترنت؟

يشعر المواطنون في البلدان الغربية بعزلة اجتماعية على صعيد العلاقات الشخصية، ويستخدمون الإنترنت كأداة لخرق هذه العزلة، أما في البلدان العربية فليس ثمة مكان للعزلة فالعلاقات العائلية والاجتماعية قوية إلى درجة أنها لا تترك الإنسان وحده في أية ساعة من ساعات اليوم، ولذلك لا يفتش المستخدم العربي عن الاتصال لاختراق عزلته الشخصية، بل هو يستخدمها عادة للبحث عن المعلومات أو عن التسلية أو عن غرف الحوار التي يجدها ممتعة.
ويستخدم الأطفال شبكة الإنترنت في بعض البلدان العربية – دول الخليج مثلاً – ويثق الأهل بأن أطفالهم سيتعلمون مهارات جيدة من خلال الإنترنت، عير أنهم لا يدركون أن ثمة أفخاخ خطرة في الإنترنت. ولذلك لابد من تشجيع الأهل على الإشراف على أبنائهم فالإنترنت ليست جليسة أطفال جيدة.
ويشعر بعض الآباء بأن أبناءهم الذين زاروا بعض المواقع التي لا تناسب بيئتهم ، يحتاجون إلى مساندتهم عبر حوار يتجاوز الحدود الممنوعة في النقاش، كما يشعر آباء آخرون بأن أبناءهم الذين زاروا مواقع واطلعوا على نصوص وصور معادية للعرب، ستتشكل لديهم صورة حقيقية عن هويتهم العربية من خلال الرد على هذه التشويهات.

4.4 – هل يثق المستخدم العربي بالتعامل عبر الإنترنت؟

معظم المواطنين العرب يتمتعون بعلاقات اجتماعية وشخصية وعائلية قوية جداً ، ولذلك فهم لا يستطيعون الوثوق بشخص لا يعرفون عنه سوى عنوانه على البريد الإلكتروني ، ولا يستطيعون أن يبرموا معه صفقات هامة عبر الإنترنت ، وقد تكون الإنترنت هي بداية التعارف ولكن لابد من اللقاء الشخصي والمفاوضات وجهاً لوجه قبل اتخاذ أي قرار نهائي بإبرام صفقة هامة أو إقامة شراكة تجارية .
وقد يشترك مستخدم إنترنت العربي في الحوار فهو يحب المشاركة في مجموعات الحوار (IRC) باللغة العربية، ولكن معظم الموضوعات التي يرغب بالمشاركة بها تخص الحياة الاجتماعية وأحياناً السياسية، وهو في معظم الحالات يفضل استخدام أسماء مستعارة ومن الملاحظ أن بعض النساء بصورة خاصة يختزن أسماء مستعارة لا تشي بالجنس، حيث أنها يمكن استخدامها للرجال والنساء على حد سواء. ولذلك نستطيع القول بوجه عام إن مستخدمو إنترنت العرب لا يزالون يستخدمون إنترنت بحذر، ويتعاملون مع مجموعات حوار إنترنت (IRC) بحماس ولكن من خلف اسم مستعار قد يتغير بين يوم وآخر، ويحاول المستخدم من خلال الحوار استكشاف نفسه ونقل أفكاره وأحلامه إلى الآخرين.


5.4 – دور إنترنت في تخطي الحواجز الاجتماعية:

تساهم إنترنت في تجاوز النماذج الجاهزة والقوالب الجامدة في العلاقات الاجتماعية، وهي نماذج تحد من حرية الأفراد في تخطي حواجز معينة سواء اجتماعية أو فيما يخص الحوار بين الجنسين، مما يقلص إمكانية الالتباس وسوء الفهم حول البيئة المحيطة بالإنسان ويقلل من الضرر الذي يصيب العلاقات الاجتماعية والروابط العائلية فيما بعد في الحياة بسبب الالتزام المطلق بحواجز اجتماعية لا يمكن تجاوزها.
وبذلك تقدم إنترنت خدمة هامة فهي تساهم في تطوير الوضع الاجتماعي وتجاوز القوالب الجاهزة بشكل تدريجي دون أن يؤدي ذلك إلى اهتزاز البنية الاجتماعية أو إحداث شروخ فيها.

6.4 – هل تساعد الإنترنت في التخفيف من وطأة نظام العلاقات الشخصية؟

من المعروف أن العلاقات الشخصية والعائلية والاجتماعية قوية جداً في البلدان العربية وهي تؤثر كثيراً في عمل المؤسسات الخاصة والعامة، فأثناء اختيار عاملين جدد أو إنجاز معاملة معينة تتدخل عوامل اجتماعية وشخصية عديدة قد لا تمت بصلة إلى كفاءة الأشخاص الذين يتقدمون لشغل الوظيفة، أو لا تتعلق بحيثيات المعاملة التي يراد إنجازها، ومن هنا فقد يكون من المفيد مستقبلاً نشر شروط شغل وظيفة معينة من خلال الإنترنت وخاصة في القطاع الخاص مما يوسع القاعدة الاجتماعية التي يمكنها الاطلاع على طلبات العمل وملء استمارة طلب العمل عبر الإنترنت، ومما يشجع أيضاً إغناء الهياكل الوظيفية بأشخاص ديناميكيين ويتقنون التعامل تكنولوجيا المعلومات وخاصة مع الإنترنت.



خـــاتمة:

قد لا نفي الجوانب الاجتماعية والاقتصادية للإنترنت ، حقها من البحث والتحليل في مثل هذه الورقة ، فهي عديدة وهامة ، ولكننا يجب أن نؤكد في الوقت نفسه أن شبكة الإنترنت مهما بالغنا في التقدير بأهميتها ليست سوى أداة من أدوات عصر المعلومات وقد تكون أهم أدواته ولكنها تبقى بهذا الحجم ، فهي ليست حلاً سحرياً للمشكلات العلمية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ، ويجب أن نؤكد أن التطورات التكنولوجية ليست سلبية أو إيجابية بحد ذاتها، بل هي تصبح كذلك بناءً على طريقة تعاملنا معها ، وإذا أراد العرب فعلاً أن يحصلوا على أفضل استثمار ممكن للإنترنت، فلابد من دراسة وتهيئة الشروط لنهضة علمية اجتماعية اقتصادية شاملة تكون فيه إنترنت عاملاً مساعداً ولكنها لن تتحول بأي شكل إلى جوهر هذه النهضة. وإن هذا التوجه يتطلب توفير شروط عديدة أهمها:
· السعي نحو تأمين الشروط اللازمة لحماية الخصوصية.
· تحديد الأطر القانونية اللازمة لدعم مجمل النشاط الفكري وحماية حقوق الإبداع.
· تشجيع البحث العلمي والتعاون بين العلماء العرب.
· تطوير خدمات مالية فعالة للصناعة والمؤسسات الاستشارية الوطنية.
· إدخال العلوم والتقانة في الاقتصاد الوطني والثقافة القومية.
· تشجيع صناعة البرمجيات والاستثمار الأمثل لتكنولوجيا المعلومات.
· تشجيع خدمات المعلومات والسعي نحو دمجه ببنية وآليات عمل المؤسسات العربية.
· السعي نحو استكمال بنى نظم المعلومات العلمية والتقنية الوطنية في البلدان العربية.
· السعي نحو دعم وتشجيع التكامل بين نظم المعلومات العربية.

المـــراجع

أولاً : باللغة العربية

1- أدّا جاك / عولمة الاقتصاد من التشكل إلى المشكلات . - دار طلاس – دمشق: 1998.
2- بلقزيز عبد الإله/عولمة الثقافة أو ثقافة العولمة. - مركز دراسات الوحدة العربية – بيروت: 1998 .
3- بيتر مارتين هانس وشومان هارالد / فخ العولمة. - عالم المعرفة – الكويت 1998.
4- الجابري محمد عابد/ العولمة والهوية الثقافية: عشر أطروحات .- مركز دراسات الوحدة العربية – بيروت:1998
5- زحلان انطوان / العولمة والتطور التقاني. - مركز دراسات الوحدة العربية – بيروت: 1998.
6- علي نبيل/ ثورة المعلومات:الجوانب التقانية. – مركز دراسات الوحدة العربية – بيروت:1998
7- د. مراياتي محمد / اقتصاد المعرفة: تكنولوجيا المعلومات والتعريب. – اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الاسكوا) – بيروت:1999
8- وحدة مركز الدراسات/ دراسة استخدام إنترنت في العالم العربي. – موقع إنترنت العالم العربي:1999.
9- وحدة مركز الدراسات/ فرص ضائعة في فضاء الويب: نصائح للشركات العربية لتطوير البرمجيات . – مجلة موقع إنترنت العالم العربي :1999

ثانياً: باللغة الإنكليزية

1- Global Internet Statistics (by language)/ Narrow Cast Media: 1999
2- IT NEWS/ Internet Users in Arab World Close to One Million: 1999
3- Dr Wheeler Deborah / the social Impact of the Internet in Kuwait: 1998
متاح فى

ليست هناك تعليقات: